القاهرة ـ مصر
معايشة القرآن الكريم

نموذج النجاح من قوله تعالى “وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا”

في آية أخرى يمكن استخراج نموذج للنجاح أيضا لا يخرج في إطاره عن النموذج المستنبط من سورة العصر .

يقول تعالى : ” وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا” (19ـ الإسراء) .

فقد اشتملت الآية ـ على قلة ألفاظها وقصرها ـ على منهجية النجاح وأركانه :

1ـ المحرك والوقـود لأي عمل : “ومن أراد” فالإرادة هي القـوة الدافعـة نحو النجاح والتوفيق .

2 ـ تحديد الرسالة والهدف ، وهذا يبدو في النص على ” الآخرة ” .

والإرادة وتحديد الهدف هنا يقابل الإيمان بالفكرة في سورة العصر .

2ـ العمل والسعي : ” وسعى لها ” فالإرادة والنية والعزيمة على تحقيق الهدف لا يصنع شيئا بدون عمل دءوب وسعي حثيث .

فالعمل في سورة العصر “وعملوا” يقابل السعي هنا .

3ـ النظام واتباع القواعد : فلا بد أن يكون السعي وفق قواعد النجاح المتعارف عليها بمنهجية إدارية وفنية تخصصية ، فليس كل سعي يجعل صاحبه ناجحا ، والعجب أن هذا المعنى في الآية مستفاد من الضمير في قوله تعالى “سعيها” ولم يقل : سعيه ، ليعلم كل ساع للآخرة أن لها سـعيها هي وفق منهج مرسوم ، وليس سـعيك أنت حسب هواك وما يتراءى لك .

وهذا يقابل في سورة العصر ( الصالحات ـ الحق )

4 ـ الشرط : “وهو مؤمن” فكما أن شرط قبول العمل الإيمان ، كذلك شرط نجاح الفكرة الإيمان بها والدعوة من أجلها والصبر عليها والدفاع عنها .

وهذا عين ما ذكر في سورة العصر ” إلا الذين آمنوا ”

5 ـ الجزاء : “فأولئك كان سعيهم مشكورا” وهو ثمرة النجاح ، وجوهرة التاج ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لسعي الآخرة ، ولسعي الدنيا للآخرة .

والجزاء المنصوص عليه في هذه الآية يقابل الجزاء المستفاد من الاستثناء في سورة العصر ، فقوله تعالى هناك ” إن الإنسان لفي خسر . إلا الذين … ” يفيد أن هؤلاء من المستثنين من الخسر بما يعني فلاحهم وفوزهم .

شارك المقال

شارك

مقالات ذات صلة

لهم في الدنيا خزي

استوقني قوله تعالى (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) فقلت : خزي وخذلان في الدنيا ، وعذاب عظيم في

اقرأ المزيد »

لهم في الدنيا خزي

استوقني قوله تعالى (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) فقلت : خزي وخذلان في الدنيا ، وعذاب عظيم في

اقرأ المزيد »

“تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”

لماذا تكررت الآيتان (134 و 141) من سورة البقرة: “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا

اقرأ المزيد »