القاهرة ـ مصر
معايشة القرآن الكريم

خواطر (لماذا الصمت؟) 11 خاطرة

سلسلة خواطر (قالوا لماذا الصمت) يكتبها الدكتور/ بلال طلب

الخاطرة الأولى:

قالوا : لماذا الصمت ؟ قلت : ولماذا أتكلم ؟ قالوا : لترتاح . قلت : تكلمت حتى تعبت ، فلما صمت ارتحت . قالوا : إلى متى : قلت : إلى أن أجد آذانا صاغية . قالوا : إذن يطول بحثك! قلت : إذن يطول صمتي !!

الخاطرة الثانية:

قالوا : لماذا الصمت؟ قلت : ولماذا أتكلم؟ قالوا : تبث همك ليسمعك الناس. قلت : الناس يحتاجون من يسمعهم في بث همومهم. قالوا : فما العمل؟ قلت : “إنما أشكو بثي وحزني إلى الله” قالوا : قد هديت الرشد. قلت : من فضل ربي.

الخاطرة الثالثة:

قالوا : لماذا الصمت؟ قلت : لا أحب الجدال ، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم ” أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ـ أي الجدال ـ ولو كان محقًا ” . قالوا : تكلم مع من لا يجادل . قلت : ما أقل هؤلاء ! قالوا : نعم ، ولكن إذا اجتهدت وجدتهم . قلت : قد اجتهدت مرة فوجدت واحدا . قالوا : تكلمت معه ؟ قلت : وجدته يحب الصمت والصامتين لئلا يدخل في جدال . قالوا : أعانك الله ! قلت : آمين .

الخاطرة الرابعة:

قالوا لماذا الصمت ؟ قلت : ولماذا أتكلم ؟ قالوا : لن تتحمل ما بداخلك فأخرِجْه . قلت : كذلك الناس مثلي لا يتحملون ما بداخلهم ، فكيف أُثقِلهم بهمي على همومهم . قالوا : إذن تبث لهم همك ، ويبثون لك همومهم . قلت : ولماذا ما دام أحدنا لا يتحمل هموم الآخر ولا يغني عنه شيئا ؟ قالوا : فضفضة . قلت : إذن فضفِضوا مع من يدعوكم في جوف الليل ، ولا يمل من شكواكم ، ومع كل ذلك يملك كشف الضر عنكم .

الخاطرة الخامسة:

قالوا لماذا الصمت ؟ قلت : ولمن أتكلم ؟ قالوا : إلى من تحبه . قلت : لحبي لهم لا أشغلهم بهمي . قالوا : إذن إلى من يحبك ؟ قلت : أحبوني لأني لا أشغلهم بهمي ، ولو شغلتهم ما أحبوني . قالوا : ألا تجد من يحبك ويحب أن يسمع همك ؟ قلت : نعم وجدت . قالوا : من؟ قلت : من يجيب المضطر إذا دعاه .

الخاطرة السادسة:

قالوا لماذا الصمت ؟ قلت : وإلى من أتكلم ؟ قالوا : إلى الناس. قلت : وهل صمت إلا بسببهم ؟! قالوا : كيف ؟ قلت : تكلمت معهم فما أقالوا لي عثرة ، ولا رحموا لي دمعة ، ولا فكوا لي كربة ، ولا قبلوا لي فكرة ، فرأيت الصمت أسلم للمرء وأحفظ لماء وجهه.

الخاطرة السابعة:

قالوا : لماذا الصمت ؟قلت : وماذا صنعتم أنتم بالكلام، أخبروني فإن وجدتكم جنيتم منه خيرا اقتديت بكم. قالوا : نصدقك القول ما جنينا منه إلا شقاوة النفس وكسر الخاطر وحزن القلب. قلت : فلماذا تستنكرون صمتي. قالوا : نحسدك عليه. قلت : أعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد.

الخاطرة الثامنة:

قالوا : لماذا الصمت ؟ قلت : وبم أتكلم ؟ قالوا : تكلم بما تريد . قلت : رأيت الناس لا يسمعون إلا ما يريدون ، فإذا تكلمت بما أريد فأنا ـ عندهم ـ متفلسف أو جاهل أو مكابر ، وفي أحسن أحوالي (إنسان غريب ) قالوا : إذن تكلم بما يريدون خير لك من الصمت . قلت : بل الصمت خير لي ، به أحفظ كرامتي ، ولا أكون إمّعة .

الخاطرة التاسعة:

قالوا : لماذا الصمت ؟ قلت : وبم أتكلم ؟ قالوا : تكلم بالخير . قلت : لاقتصاري على ذلك عددتموني صامتا ، ولو زدت عليه لما سألتموني . قالوا : ولكنك قليل الكلام . قلت : الخير لا يحتاج إلى كثير الكلام .

الخاطرة العاشرة:

قالوا : لماذا الصمت ؟ قلت : ولماذا تسألون ؟ قالوا : نسأل لصمتك ؟ قلت : ولماذا لا تصمتون عن السؤال لصمتي ؟ قالوا : الأصل أن تتكلم فسألنا عما يخالف الأصل . قلت : بل الأصل أن أصمت . قالوا : كيف ؟ قلت : الصمت أسبق وأولى . قالوا : وضح لنا . قلت : خُلق الإنسان صامتا قبل أن يتكلم فهو أسبق ، والكلام يحتاج إلى تحريك لسان وشفتين وبذل مجهود ، والصمت لا يحتاج إلى ذلك ، وما لا يحتاج إلى مجهود أولى . قالوا : رغم مجهود الكلام إلا أنه مريح . قلت : والصمت مريح بلا مجهود . قالوا : نشك أن الصمت مريح . قلت : من ذاق عرف .

الخاطرة الحادية عشرة:

قالوا : لماذا الصمت ؟ قلت : وما شأنكم ؟ قالوا : نراك صامتا ضعيفا ! قلت : بل متكلم قوي ! قالوا : كيف ؟ قلت : صمتي معكم جعلني أتكلم مع ربي أبث إليه همي فقوي إيماني ، وعلمني التحمل والصبر فقويت نفسي . قالوا إذن نحن المساكين . قلت : كما ترون في أنفسكم .

شارك المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on tumblr
Share on pinterest

شارك

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on tumblr
Share on pinterest

مقالات ذات صلة

لهم في الدنيا خزي

استوقني قوله تعالى (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) فقلت : خزي وخذلان في الدنيا ، وعذاب عظيم في

اقرأ المزيد »

لهم في الدنيا خزي

استوقني قوله تعالى (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) فقلت : خزي وخذلان في الدنيا ، وعذاب عظيم في

اقرأ المزيد »

“تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”

لماذا تكررت الآيتان (134 و 141) من سورة البقرة: “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا

اقرأ المزيد »

نموذج العمل الجماعي

من النماذج القرآنية التي تمثل وحدة متكاملة عن العمل الجماعي ـ ما ذكره الله تعالى في سورة النمل عن سيدنا سليمان عليه

اقرأ المزيد »