القاهرة ـ مصر
معايشة القرآن الكريم

خواطر (علمتني الحياة) 99 خاطرة

خواطر علمتني الحياة يكتبها الدكتور/ بلال طلب

علمتني الحياة (1)

علمتني الحياة أن من ملك مفتاح الباب فتحه بأسهل ما يكون ، ومن فقد المفتاح فتحه بكسره بأصعب ما يكون ، وكذلك قلوب الناس لها أبواب ، فتعلموا مفاتيح الأبواب يسهل عليكم فتح القلوب وامتلاكها .

علمتني الحياة (2)

علمتني الحياة أن المرأة أحن الناس في رضاها ، وأقسى الناس في سخطها ، وأن الصالحة العاقلة أحن الناس في رضاها ، ولن تكون أقسى الناس في سخطها .

علمتني الحياة (3)

علمتني الحياة أن كريم المعدن حقا يعطي ويجود ـ ولو بمشاعر طيبة ـ قبل أن يأخذ ، ودون أن يأخذ ، ودون أن يشترط ، فإذا وجدت من يعطي بعد أن يأخذ أو انتظار أن يأخذ أو بشرط فاعلم أن معدنه مغشوش وكرمه مدخول .

علمتني الحياة (4)

علمتني الحياة أنك كثيراما تضطر أن تكون كالخضر عليه السلام ، فتخرق سفينة أو تقتل غلاما فيظنك الناس شيطانا رجيما ، أو تبني جدارا بلا فائدة فيظنوك  أبله لا تفهم ، فلو التفت إليهم لخسرت كثيرا ، فانطلق في طريقك كما انطلق الخضر ما دام معك من الله برهان ولو كان المستنكِر عليك في مكانة موسى عليه السلام (وهيهات) .

علمتني الحياة (5)

علمتني الحياة أن لا أكون ابن لحظتي متناسيا اللحظة السابقة ، غير متوقع للحظة التالية ، بل آخذ من اللحظة السابقة من الخبرات ما أستعين به على اللحظة الحالية ، وأصبر في اللحظة الحالية متوقعا الفرج في اللحظة التالية ، فما أشد بؤس هؤلاء الذين يغضبون في لحظتهم ويرون الدنيا سوداء أمامهم ، وقد نسوا كم من مرة غضبوا قبلها فندموا على ما قالوا وفعلوا ، فلم يبنوا مستقبل لحظتهم على مستقبل اللحظات السابقة ، ومن لم يتعلم من الماضي فلن يرحمه المستقبل .

علمتني الحياة (6)

علمتني الحياة أن معادن الناس تظهر في وقت ضيقهم وغضبهم ، أما الكرم في وقت الرضا وتبادل المنافع والمصالح فيحسنه كل الناس .

علمتني الحياة (7)

علمتني الحياة أن أصون عدوي في عرضه ، وألا أخون صديقي ولو في نعله ، فمن الخسة إدخال الأعراض في العداوات ، ومن الوفاء حفظ الصديق ولو في أقل الأشياء .

علمتني الحياة (8)

علمتني الحياة أن الهم مصانع الرجال ، ومزالق الصبيان ، فعش رجلا ، للهموم محتملا ، على الأهوال مصطبرا ، ولا تبث همك إلا لمن يملك كشفه ، وسوف يورثك ذلك علما من الله لا يعلمه غيرك ، فإن الله تعالى قال “وأعلم من الله مالا تعلمون” بعد أن قال “إنما أشكو بثي وحزني إلى الله” .

علمتني الحياة (9)

علمتني الحياة أن وراء كل عظيم أمًا ربته ، أو أختا واسته ، أوزوجة لم تشغله بشكواها وأنينها ، وأن أعظم العظماء من اجتمع له الثلاثة .

علمتني الحياة (10)

علمتني الحياة أن من أراد أن يتركك سيتركك وإن صنعت له المعجزات ، فالترك قرار ذاتي ، ثم تأتي بعد ذلك المبررات ، فيضخم الصغير ، ويصغر الضخم ، وتختلق الأسباب ، وتصطنع الحجج ، كل ذلك لتحسين الصورة .

علمتني الحياة (11)

علمتني الحياة أنك ستلقى فيها أناسا مهمتهم أن تختبر فيهم مدى صبرك وتحملك للابتلاء ، فاصبر “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” .

علمتني الحياة (12)

علمتني الحياة أن الأزمات خير معلم ، وأن أزمة واحدة تديرها بحكمة وتجعلها كتاب حياة للتعلم واكتساب الخبرات ـ خير من قراءة ألف صفحة .

علمتني الحياة (13)

علمتني الحياة ألا ألبي طلب أحد تحت ضغط وإلحاح حتى ولو أكثر من البكاء ، فكر بهدوء وأعط لنفسك الوقت الكافي لاتخاذ القرار بشكل صحيح ، ودعه يتعلم ألا يبكي إلا لله تعالى .

علمتني الحياة (14)

علمتني الحياة أن أنصح مرة ، ثم أنصح ثانية ، وفي الثالثة “هذا فراق بيني وبينك” دعه يفعل ما يشاء فلن يتعلم إلا إذا كُوي بنار التجارب .

علمتني الحياة (15)

علمتني الحياة أنك أحيانا تضطر لأن تتخذ قرارات مُرة ، وأن تدوس على قلبك ، وإن لم تفعل ستكون النتائج أمرّ .

علمتني الحياة (16)

علمتني الحياة أن العظيم حقا هو من لا يشعرك بأنه عظيم ، بل يشعرك بأنك عظيم ، وهؤلاء الذين يكثرون من الحديث عن أنفسهم ومآثرهم ومناقبهم هم أكثر الناس جهلا وأبعدهم عن الحق والعظمة .

علمتني الحياة (17)

علمتني الحياة أن ما ضاع لا تنتظره حتى ولو كان ضياعه مصيبة لك ، فإن انتظاره مصيبة ثانية وألم أشد من ضياعه ، فتعزّ بغيره ووطّنْ نفسك أن تعيش بدونه ، فإن عاد كان ذلك أدْعَى إلى شكر نعمة الله عليك بأن رد عليك ما لم تكن تفكر فيه ، وإن لم يعد كنت قد كُفِيت شر مصيبة ثالثة لو كنت تنتظره .

علمتني الحياة (18)

علمتني الحياة أن الأمور دُوَل ، فلا تظن في أي موقف أنها الجولة الأخيرة ، فما زال للقطار محطات ومحطات ، وكم من أمر نظن أنه انتهى وأن صفحته قد طويت، فإذا بنا نجده كأنه لم يبدأ بعد ، وأن ما حدث كان مجرد تمهيد لبدايته .

علمتني الحياة (19)

علمتني الحياة أنه ما من إنسان إلا ولا بد أن يحدث في حياته ما لم يتوقعه لنفسه ، بل ربما كان ينتقده على الآخرين أو يحسب نفسه أنه أبعد ما يكون عن هذا الشيء ، فسبحان من يعلم الغيب !

علمتني الحياة (20)

علمتني الحياة أن مَن أكثر مِن انتقادك والهجوم عليك إما حاسدا أو محبا فقدَ قُربك ، فإن كان يتمنى ساعة قربك فهو شديد الحب لك ، وإن كان يتمنى ساعة موتك فهو حاسدك .

علمتني الحياة (21)

علمتني الحياة أن المرء لا يعلم قيمة ما في يده حتى يفقده ، ولا يتحسر على ما فقده حتى يرى أسوأ منه .

علمتني الحياة (22)

علمتني الحياة أن من أحبك فعل ما تريده أنت ليرضيك إن كان في استطاعته ، فإن فعل ما يريده هو بحجة أنه يحبك ويفعل ما  فيه مصلحتك ـ فإنما يحب نفسه .

علمتني الحياة (23)

علمتني الحياة أن الخطأ خير سبيل لمعرفة الحقيقة ، وأن أكثر الناس حكمة وخبرة هم من تعلموا من أخطائهم ، اعترفوا بها واعتذروا عنها أولا ، ثم أصلحوا ما نتج عنها من مفاسد ثانيا ، وأخيرا لم يكرروها في مستقبلهم ، أولئك العقلاء ! أولئك الحكماء !!

علمتني الحياة (24)

علمتني الحياة أن أثمن ما فيها هو الوقت ، فهو عدة الجاهل ليتعلم ، وأداة الفقير ليغنى ، وزاد المؤمن ليرضي ربه ، وهو قسمة الله السوية بين خلقه ، به يتفاوت الناس في الدين والدنيا .

علمتني الحياة (25)

علمتني الحياة أن الحب مع العقل بهما كمال الحياة ، وهما وجهان لعملة واحدة اسمها الجمال ، فحب بلا عقل طيش وتهور وسوء تصرف ، وعقل بلا حب جمود وتفلسف ومنطقية مُفْرِطة لا يتحملها أصحاب العواطف الرقيقة .

علمتني الحياة (26)

علمتني الحياة أنها بحلوها ومرها ، بجميلها وقبيحها ، بفرحها ونكدها ، بسعادتها وتعاستها ، بسعتها وضيقها ، بيسرها وعسرها ، بسرائها وضرائها ـ كلها خير ، فمن يعش مع الله يعلم أن تقلبات الأحوال من سنته تعالى في خلقه ، وأن له حكمة في كل حال .

 

علمتني الحياة (27)

علمتني الحياة أن أصاحب العقلاء من كل الاتجاهات والمذاهب ، فلا تسألني عن اتجاه الرجل ، ولكن سلني عن عقله وكيف يتصرف ويحاور حين نختلف .

علمتني الحياة (28)

علمتني الحياة أن أفضل ما تشغل به فراغ وقتك هو القراءة ، بها تدرك خبرة السابقين ، ومنها تغترف حكمة لحاضرك ، وعنها تأخذ هدفا لمستقبلك .

علمتني الحياة (29)

علمتني الحياة أن أعرف الفضل لأهله مهما صغر الفضل ومهما كان شأن أهله ، وأن منكري فضل الآخرين إنما ينكرون فضل أنفسهم ، لأن من الفضل معرفة فضل أهل الفضل .

علمتني الحياة (30)

علمتني الحياة أن أكون حذرا ، فلا أبالغ في مدح شخص أمام آخر يتمنى أن يكون مكان الممدوح ، وإلا أحزنت قلب من أمامي ، وأوغرت صدره تجاه من مدحته .

علمتني الحياة (31)

علمتني الحياة أن المبادئ لا تتجزأ ، فمن كان وفيا لك في وقت دون آخر فاعلم أنه خائن ، وأن وفاءه في هذا الوقت كان لمصلحة شخصية ، فلما ذهبت ذهب الوفاء .

علمتني الحياة (32)

علمتني الحياة أن أعيش فيها غير راض بمقسوم الأسباب ، بل أسعى دائما للتحسين والتطوير واكتساب المهارات والمعارف ، والرضا بالمقسوم الذي يأمرنا به ديننا إنما هو الرضا بالنتائج بعد الاجتهاد في السعي .

علمتني الحياة (33)

علمتني الحياة أن جزءا كبيرا من علاج كثير من الأزمات هو مرور الوقت ، فبه تهدأ النفوس ، وتزداد المعرفة ، وتنكشف الحقائق ، فاصبر فإن الفرج قريب .

 

 

علمتني الحياة (34)

علمتني الحياة ألا أُبتزّ في أي موقف ، حتى لو أدى ذلك إلى فضيحتي ، فالمبتز إن أجبته إلى ما يريد فاعلم أنها البداية ، ولن ينتهي في ابتزازه ، بل سيطلب المزيد ، حتى إذا استكفى منك فضحَك بما كان يبتزك به .

علمتني الحياة (35)

علمتني الحياة أن الدنيا سيارة كبيرة ، ما صُنعت لكي تسير إلى الوراء إلا بضعة أمتار لتعدل من وضعيتها لتنطلق في الاتجاه الصحيح ، فلا تنظر إلى الوراء إلا بمقدار ما تأخذ العبرة وتصحح الأخطاء لتنطلق إلى مستقبل أفضل .

علمتني الحياة (36)

علمتني الحياة ألا أبحث عما يضرني ، ولا أسأل عما تؤذيني إجابته ، ولا أفتش فيما ينكد عليّ عيشتي ، فإن جاءني إلى موضع قدمي دون بحث مني فهو القدر الذي يجب أن أصبر له وأحتسب فيه ، وإن كنت أنا الذي بحثت عنه فهو البلاء الذي أعاقَب به .

علمتني الحياة (37)

علمتني الحياة انها جنة ونار كالآخرة تماما ، وحياة الأشقياء فيها نار كمصيرهم في الآخرة وإن سكنوا القصور والتحفوا الحرير ، وحياة السعداء فيها جنة كثوابهم في الآخرة وإن افترشوا التراب والتحفوا السماء وتوسدوا ذراعهم .

وهذا كحال المرأة الولود والمرأة العاقر ، الأولى في نعمة وجنة رغم هموم الحمل ومخاض الولادة ومتاعب التربية ، والعاقر في شقاء ونار وحرمان رغم أنها لم تذق آلام الولود .

علمتني الحياة (38)

علمتني الحياة أن التغيير ينبع من داخل الإنسان ، وأن الإرادة هي محور التغيير ، والمعرفة ستأتيك تباعا ، وستتعلمها شيئا فشيئا ، المهم أن تبدأ بإرادة وعزيمة .

علمتني الحياة (39)

علمتني الحياة أن الجدال وكثرة العتاب عناء وإرهاق ومضيعة للأوقات وزيادة في المشاحنات، يكفي المخطئ أن يقول “تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين” ويكفي من ظُلِم أن يقول ” لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين”

علمتني الحياة (40)

علمتني الحياة أن الوفاء ومعرفة الجميل أعظم الأخلاق ، وأن معدن الناس يقاس به ، وأن من خانك فاحمد الله أنه أظهر لك معدنه ، وإن خسرت القليل بفقده فقد كسبت الكثير بمعرفة حقيقته .

علمتني الحياة (41)

علمتني الحياة أن الشكوى للناس ـ في غير استشارة أو تحاكم ـ مذلة للفتى ، مُذهبة للرجولة ، منقصة للشرف ، مدعاة إلى زيادة الحزن ، هذا كله إن أجابوك في شكواك ورحموا دمعتك ، فما بالك إذا لم تجد مجيبا ؟! حينها كبر على نفسك أربعا ووارِ نفسك التراب !!

علمتني الحياة (42)

علمتني الحياة أن المبالغات في تقييم الأشخاص والمواقف شر عظيم ، بها يحسب المرء أن الدنيا سوداء مظلمة ، وأن من حوله شياطين أبالسة ، وأن الأقدار كلها شر عليه وضده ، فمثل هؤلاء يحتاجون فقط أن يتعلموا أن الحياة أهون من هذا كله .

علمتني الحياة (43)

علمتني الحياة أن الحياة ـ حق الحياة وقرة عين الحياة ويقين الحياة ـ حياة القرآن ، وبدونه لا حياة .

يظنون أنفسهم يحيون بمطعم ومشرب ، ولو علموا حقيقة حياة القرآن لأيقنوا أنهم بلا حياة ؛ أموات غير أحياء .

علمتني الحياة (44)

علمتني الحياة أن أحلم بلا قيد ولا واقعية ، بل أترك لنفسي أن تحلق في السماء السابعة ، فسعة الخيال متعة لمن جربها ، لكن عندما أتصرف وأنفذ فللحياة والواقع سنن وقوانين تتعلق بحسن التدبير والتخطيط ، وإمكانيات التمويل واحتساب المخاطر .

علمتني الحياة (45)

علمتني الحياة أنه ليس كل من يعجبك فيها يكون صالحا ، وليس كل من أحببته يكون نافعا لك ، قال تعالى “ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام” وقال “ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم” .

فاعجب بمن شئت وأحبب من شئت ، ولكن إياك أن تتصرف إلا بمنطق العقل والحكمة .

علمتني الحياة (46)

علمتني الحياة أن القياس ليس أصلا فقهيا فحسب ، بل هو في كل شئون الحياة ، ومن لم يَقِسْ حاضره على ماضيه فلن يتعلم ، ومن لم يقس مستقبله على حاضره فلن ينجح .

علمتني الحياة (47)

علمتني الحياة أن التوفيق والسداد وحل كل مشاكلك أقرب إليك من حبل الوريد ، القضية كلها تكمن في سؤالين : ماذا تعلمت منها ؟ وماذا قدمت لحلها ؟ والإجابة على السؤالين لك وحدك في غرفة مغلقة في ظلمة الليل مع الله ، تجلس متدبرا لتجيب عليهما .

علمتني الحياة (48)

علمتني الحياة أن إرضاء كل الناس في موقف واحد غاية لا تدرك ، وأن إرضاء شخص واحد في كل المواقف غاية لا تدرك ، وأن إرضاء امرأة واحدة في موقفين متتاليين غاية لا تدرك إلا بشق الأنفس ، فأرح نفسك وأرضِ الله كفى .

علمتني الحياة (49)

علمتني الحياة أن عامة الناس تقاد من قلوبها بعواطفها ، وهذا هو الطبيعي ، وطائفة منهم مذمومة تقاد من شهواتها ورغباتها ، أما صفوة الخلق فيأبون أن يقودهم أحد إلا من عقولهم .

علمتني الحياة (50)

علمتني الحياة أن أكثر من صنعت فيهم جميلا ومعروفا سوف يتنكرون لك ، ابتلاء من الله لك لتفعله خالصا لوجهه الكريم ، وفضلا من الله عليك ليخبرك بحقيقة الناس

 

علمتني الحياة (51)

علمتني الحياة أن ما نجده فيها هو عين ما نبحث عنه ، فمن بحث عن الشر وجده ، ومن بحث عن الخير تلقاه من بعيد ، ومن بحث عن المصائب أخذ حظه الوافر منها ، ومن بحث عن الشقاء عاش شقيا ، ومن بحث عن العيوب في الآخرين رآهم شياطين تمشي على الأرض ، فلا تلوموا الأقدار ، ولوموا أنفسكم فيما تبحثون عنه.

علمتني الحياة (52)

علمتني الحياة أنها ما بين إقبال وإدبار ، فإذا أقبلت عليك فاعرف حق الله ، ولا يشغلنك سراؤك عن ضراء غيرك ، وإذا أدبرت عنك فتلك والله المفازة الكبرى “فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب” خير وفير ، وجبال حسنات ، ودعاء وتضرع إلى الله .

علمتني الحياة (53)

علمتني الحياة أن المتعصبين فيها لآرائهم هم أجهل الناس دينا ودنيا ، فلو قرءوا الفقه حقا لعلموا أن أغلبه اختلافات رغم أنه مبني على الوحي ، ولو قرءوا الحياة حقا لعلموا أنهم أنفسهم كانوا يرون آراء بالأمس ورجعوا عنها اليوم ، وهذا يعني أن ما يتعصبون له اليوم ربما يرجعون عنه غدا ، فلماذا التعصب إذن ؟!

علمتني الحياة (54)

علمتني الحياة أن أنظر إليها كما هي ، لا كما أحب وأتمنى أن أراها ، فمن نظر إليها وعرفها كما هي لم يصدم بنكباتها ، ولم يتعجب من تقلباتها ، ولم يؤذه غوائلها، وتوقع الشر كما يتوقع الخير ، وعرف الناس على حقيقتهم ، أما الثاني الذي يعرف الحياة كما يتمناها فمسكين ، تؤذيه الكلمة ، ويهلكه الموقف ، وربما يقتل نفسه منتحرا للخيانة .

علمتني الحياة (55)

علمتني الحياة أن الحزن والفرح ، والعسر واليسر ، والضيق والسعة ـ ليسا ضدين، بل هما متكاملان وقرينان ، يأتي أحدهما ليبشر بالآخر ، فلولا العسر ما كان لليسر طعم ولا معنى ، ولو كانت الدنيا كلها سعة وفرحا لركن الإنسان إليها وما لجأ إلى ربه ، ومن جميل تعبير القرآن “فإن مع العسر يسرا” فجعل المعية بينهما فلا يقدر الله عسرا إلا ويقدر مع اليسر ، ولكن لحكمة يعلمها كشف لك العسر أولا لتنتظر معه اليسر .

 

علمتني الحياة (56)

علمتني الحياة ألا أخاف ممن يظهر عداوته بقدر ما أخاف ممن يتظاهر بأنه يحبني، الأول تأمن جانبه ، والثاني لا تخشى غوائله وخيانته ، فأيهما أولى بالخوف أكثر ؟!

علمتني الحياة (57)

علمتني الحياة أن الله تعالى يغار على عبده الصالح ، فإذا رأى منه انشغالا بغيره ناداه ، وإن أحب دعاءه ابتلاه بما يضطره إلى مناجاته ، وإذا رأى منه إدبارا عنه دبر له ما يجعله يقبل عليه ، فسبحان من يحب عباده ويدبر لهم !

علمتني الحياة (58)

علمتني الحياة أن الحكيم فيها يعيش الأزمنة الثلاثة معا ـ الماضي والحاضر والمستقبل ـ فيعمل في حاضره لمستقبله مسترشدا بماضيه ، فإن عمل في حاضره بلا ماض كان أبله يكرر نفس الخطأ ، وإن عمل بلا مستقبل كان أحمق لا يقدر عواقب الأمور .

علمتني الحياة (59)

علمتني الحياة أن المواجهة والمصارحة هي خير سبيل لحل المشكلات ، مهما استحييت ممن تواجهه ، ومهما كان حجم المخاطر ، ومهما كلفك ذلك من جهد وعناء ، فإن المواجهة تظل أفضل علاج ، وبقي فقط أن نتعلم فقه المواجهة حتى لا تأتي بنتائج عكسية .

علمتني الحياة (60)

علمتني الحياة أن المرأة نوعان : امرأة تعرف فضلك عليها ، وترضى منك بأقل القليل ، وتشعرك أنك مصدر عزها وفخرها ، وتستنصر بك لا عليك .

وأخرى تعرف فضلها عليك ، ولا ترضى منك بشيء ولو أعطيتها فوق ما تستحق ، وتشعرك بأنك مصدر شقائها وأنها تتحملك كثيرا ، وتستنصر بغيرك عليك .

فاستمسك بالأولى فإنها كنز أصيل ولو كانت لا تصلي إلا خمسها ولا تصوم إلا شهرها ، وإياك والثانية فإنها لا خير في زيجتها وإن كانت قوامة صوامة .

 

علمتني الحياة (61)

علمتني الحياة أن الناس في معرفة الحقائق ثلاثة : رجل يعرف الحقيقة قبل أن تقع ، وثان يعرفها حين تقع ، والثالث لا يعرفها وإن وقعت .

فالأول حكيم : يعرف النتائج من خلال المقدمات ، له بصيرة وعقل وفكر يستطيع به أن يتوقع المستقبل ، وأن يعرف ما يُدبر من فلتات اللسان ولحن القول ، وأن يقرأ صفحة المستقبل ويعمل لها حسابها ، وسبحان من “يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ” .

والثاني هو العادي ، يعرف الحقيقة حين وقوعها ، فليس له عقل مستنير يستنبط به عواقب الأمور ، ولكن يُحسب له أنه أقر بالحقائق حين وقوعها .

والثالث سفيه ، لا يعرف الحق ولا الحقيقة وإن وقعا واتضحا ، ينكر الحق وإن تواترت أدلته ، ويجحد الحقيقة وإن ظهرت شواهدها ، يفكر بهواه ويلوي عنق الحقائق الظاهرة ليثبت ما يشتهيه . فهؤلاء العالة والحمل الثقيل ، يرون غيرهم سفهاء وهم أسفه الناس ، هم بلاء الحكماء ويحسبون أن الحكماء بلاؤهم ، والسفهاء عند الحكماء كالحكماء عند السفهاء ، كلاهما زاهد في الآخر . وسوف يجتمعون عند الله يوم القيامة ليعلموا ” أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ” .

علمتني الحياة (62)

علمتني الحياة أن أبغض الناس إلى قلبي من يدّعي التدين والحديث عن الله ويشعرك أن الله تعالى له هو وحده وكأنه ليس رب الجميع ، ويتعالى بتدينه على الناس ، فإذا ما جاء وقت امتحان هذا التدين المقيت في موقف نزاع أو اختلاف على مال مثلا ـ وجدته أكثر الناس تضييعا للحقوق وانتهاكا لحدود الله وكذبا وادعاء بالباطل ، قد رأيت هذا النموذج في حياتي كثيرا حتى أصابتني الحيرة في هؤلاء !

علمتني الحياة (63)

علمتني الحياة أن الإنسان ـ إذا أراد الله به الخير ـ يقر بظلمه في حالتين ؛ عندما يرى عاقبة ظلمه الوخيمة في الدنيا (فلما رأوها قالوا إنا لضالون … إنا إلى الله راغبون) وعندما يرى أن الله رفع قدرمن ظلمه (قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين) فاصبر على ظلم من ظلمك ، فإما أن يريه الله عاقبة ظلمه ، وإما أن يرفع الله مكانتك عليه ، أما إن أراد الله به شرا فإنه لا يرى شيئا من هذا ، بل ربما يكون من الذين (يحسبون أنهم يحسنون صنعا) وهؤلاء من قال الله تعالى فيهم (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) .

علمتني الحياة (64)

علمتني الحياة أن أفضل علاج لهمومك وأحزانك أن تفعل ما يجب عليك في حياتك، استيقظ من نومك ومارس حياتك بشكل طبيعي ، فلا تقصر في عمل ، ولا تغلق على نفسك بابك حزينا كئيبا ، وأد حق الله وحقوق الآخرين ، ودع الله يدبر لهمومك ( ولسوف يعطيك ربك فترضى)

علمتني الحياة (65)

علمتني الحياة أن الابتلاء يأتي للإنسان فيما يوجعه ، ولو تُرك لكل واحد أن يختار ابتلاءه لما كان ابتلاء ، فاصبر على ما ابتليت فيه ، واعلم أنه بقدرك عند الله يكون ابتلاؤه لك ، وأشرف شيء في الابتلاء أنك على سنن المرسلين ؛ فإنهم أشد الناس بلاء .

علمتني الحياة (66)

علمتني الحياة أن كل شيء فيها يسير يتدبير إلهي خفي ، وليس كل ما تظنه أو تعتقده يكون صحيحا ، وقد يكون أشد ما تكرهه الآن وتلح على الله في الدعاء بأن يزيحه عنك ـ هو عين ما تبحث عنه غدا وتتمناه (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) .

علمتني الحياة (67)

علمتني الحياة أن التربية الصحيحة هي تربية العقول والقلوب قبل عمل الجوارح ، وتكسير معاني الجاهلية في الفكر والقلب قبل تكسير الأصنام على الأرض ، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كسر أصنام الجاهلية إلا بعد أكثر من عشرين عاما من دعوته حين فتح مكة ، أما تحطيمها في النفوس فقد بدأه منذ أن قال له ربه (اقرأ) .

علمتني الحياة (68)

علمتني الحياة أن الفهم قبل الإخلاص ، والعلم قبل العمل ، فربما تخلص على شيء باطل لم تفهمه ، وربما تعمل بكيفية تجعلك تفشل لأنك لم تتعلمه ، وقد ابتليت الأمة بأقوام مخلصين عاملين ، ولكنهم شر بلاء ؛ لأنهم بلا فهم ولا علم .

علمتني الحياة (69)

علمتني الحياة أنني لست محور الحقيقة ولا مركز الكون ، وما أضل هؤلاء الذين ينظرون إلى أنفسهم هكذا! ، فالحق عندهم ما اعتقدوه ، والصواب ما حسبوه ، والأخيار من الناس من وافقهم ، واللعنة على من خالفهم ، وهذا حال الكثير منا ، بل حال بعض من يظن نفسه ينتقد هذا المسلك وما يدري أنه متلطخ بهذه اللوثة .

علمتني الحياة (70)

علمتني الحياة أن من يحبك حقا يرى محاسنك منقبة ، ويرى عيوبك غير منقصة ، ثم سعى في مساعدتك في علاجها ، ومن لم يحبك رأى محاسنك شيئا عاديا ، ورأى عيوبك مذمة ، ثم سعى في نشرها بدعوى أنه يحذر الناس منك ، أو أنه لا يسكت على باطل !!

 

خواطر (علمتني الحياة71)يكتبها بلال طلب

علمتني الحياة أن ما أنت فيه محطة فقط ، وما زال في جعبة الأقدار الكثير ، فمن ظلمك اليوم سترى عاقبته غدا ، ومن أخطأ في حقك الآن فسترى ندمه بعد حين ، ومن أنكر فضلك فسيذوق من نفس الكأس ، وإن غدا لناظره لقريب ، فاجعل لسان مستقبلك (فإن مع العسر يسرا . إن مع العسر يسرا) ولسان حالك (فإذا فرغت فانصب . وإلى ربك فارغب) .

علمتني الحياة (72)

علمتني الحياة أن خير استثمار لك في الدنيا والآخرة هو ما تستثمره في أهلك وأولادك ، فاهتم بهم وارعهم وأعطهم ما شاءوا من حنان وعلم ، وما استطعت من نفقة ( فخيركم خيركم لأهله) .

علمتني الحياة (73)

علمتني الحياة أن أتكلم إذا اشتهيت الصمت ، وأن أسكت إذا اشتهيت الكلام ، فإن تكلمت وأنا أشتهي الكلام كثر خطئي ، وإن سكت وأنا أشتهي  السكوت سكت عن حق وجب بيانه ، جرب ذلك وسترى بنفسك .

علمتني الحياة (74)

علمتني الحياة أن كل مواقفك فيها ما بين إنذار أو فرصة ، إما أن يكون إنذارا ينبهك الله به على شيء مهم ، أو فرصة يمنحها الله لك لتستغلها ، وبمقدار ما تكون متفكرا في كل ما يحدث لك تكون موفقا في حياتك ، قال تعالى (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) .

 

علمتني الحياة (75)

علمتني الحياة أن العين مفتاح القلب ودليله ، فالعين التي تبحث عن أخطاء الآخرين دليل على قلب أسود مغلول ، والعين التي تبحث عن فضائل الآخرين إنما تعبر عن قلب أبيض سليم ، فالعين كاشفة عن قلب صاحبها وليست كاشفة عن الآخرين .

علمتني الحياة (76)

علمتني الحياة أن من أكبر الأخطاء فيها التهويل ، والتهوين ، والأول يعني تضخيم  التوافه ، والثاني عدم الاكتراث بالمهمات ، فقبل أن تتصرف أو تُظهر رد فعل ضع الأمور أولا في حجمها الصحيح ، وليكن تصرفك بعد ذلك على قدر هذا الحجم .

علمتني الحياة (77)

علمتني الحياة أنك إذا أذنبت في حق أحد ثم عفا عنك وسامحك فإن ذلك لا يعني أنه قد نسي الذنب ، بدليل أنك لو أخطأت في حقه مرة أخرى حاسبك على المرتين ، فاحرص على ألا تذنب في حق الناس ، ولا تظن أن عفوهم كعفو الله تعالى الذي يبدل السيئات إلى حسنات .

علمتني الحياة (78)

علمتني الحياة أن الدعوة إلى الله سوق كباقي التجارات ، فيها الغث والسمين من البضاعة ، وفيها الأدعياء من الدعاة والمهرة كالتجار تماما ، وفوق كل هذا فيها من يربح بدعوته ومن يخسر ، والفرق الوحيد بين سوق الدعوة وباقي التجارات أن الخاسرين فيها من الدعاة أول من تسعر بهم النار يوم القيامة .

علمتني الحياة (79)

علمتني الحياة أن قيام الليل لن يستقيم لك ولن تستقيم له وتداوم عليه إلا في حالة واحدة ، أن تنسى أنه أجر وثواب وعمل عظيم ، وتتذكر فقط أنه متعة ولذة وشهوة بكل ما تعنيه الكلمة من معان ، فإذا وصلت إلى هذه الحال فلن تفرط فيه .

علمتني الحياة (80)

علمتني الحياة أن معدن الإنسان وحسن خلقه يظهر في حالتين : صبره حين يفقد كل شيء ، وكرمه وسماحته حين يمتلك كل شيء .

 

علمتني الحياة (81)

علمتني الحياة أن ما عشناه من أحداث يجعلنا نعيد حساباتنا في أولويات الدعوة ، بل فيما يعد ذنبا أو كبيرة ، أظن أن من الذنوب ـ إن لم يكن من الكبائر ـ أن يكون المسلم غير واع ، أن يكون مغفلا يقبل كل ما يقال ، ويحكي كل ما يسمع ، ويكفينا في ذلك حديث ” كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع ”

علمتني الحياة (82)

علمتني الحياة ألا أخاف حين يحرمني الله وأنا أطيعه ، فهذا يعني أنه يقربني منه لأبتهل في الدعاء ، وأنه يخزن لي الأفضل في العطاء . وأن أخاف حين يعطيني الله وأنا أعصيه ، فهذا يعني أنني سقطت من عينه لدرجة أنه لا يبتليني بما يجعلني أرجع إليه ، بل يتركني أهنأ بمعصيتي استدراجا منه .

علمتني الحياة (83)

علمتني الحياة أن الناس نوعان ، الأول كالقليل من الشاي يأتي على الماء فيجعله أسود ذا مرارة ، والثاني كالقليل من السكر يأتي على الماء الأسود فيصلح ما أفسده الشاي ويجعل منه شرابا ذا مذاق وحلاوة .

علمتني الحياة (84)

علمتني الحياة أن الاهتمام بالآخرين لا يحتاج الى كبير وقت ولا جهد، يكفي بأن يشعر الآخر أنه أفضل شيء عندك وأنك تريد البقاء معه ، فلا تتعللوا بكثرة أعمالكم وانشغالكم في عدم اهتمامكم بمن يجب أن تهتموا بهم ، فلستم أكثر انشغالا من النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يهتم بأهله وأصحابه .

علمتني الحياة (85)

علمتني الحياة ألا أدقق في التفاصيل ، وألا أتوقف عند كل موقف ، فالحياة معقدة لدرجة أنك لا تستطيع أن تفهم كل شيء حدث ويحدث حولك ، تغافل كثيرا لترتاح ، وليكن لسان حالك مع الماضي (قدر الله وما شاء فعل) ومع المستقبل (اللهم دبر لي).

علمتني الحياة (86)

علمتني الحياة أن أبتسم لأسعد ، ولا أنتظر أن أسعد لأبتسم ، ولا تقل : علام أبتسم ؟ بل قل : لماذا لا أبتسم ؟ ولا تظن أن ما تنتظره هو ما سيجعلك تبتسم ، فربما كان ما تنتظره هو سبب ازدياد همك ، ولا تظن أن ما في يدك من الخير لا يكفي لأن تبتسم ، بل يكفي أمة بأكملها لكي تبتسم ، ولكنك غافل عما في يدك كغفلتك عما في مستقبلك .

علمتني الحياة (87)

لا تحسد أحدا على نعمة فأنت لا تدري ما أخذ الله منه ليعطيه هذه النعمة ، ولا تحزن على مصيبة فإنك لا تدري ماذا أعطاك الله وسيعطيك بهذه المصيبة .

علمتني الحياة (88)

لا تخادع أحدا وواجه الناس بالحقائق ، فإن كنت تخشى من صدمته اليوم ، فهو أشد صدمة حين تنكشف  له الحقيقة غدا ، وإن كنت تشفق عليه اليوم فكن أشد شفقة عليه حين يعلمها غدا بعد فوات الأوان ، وإن كنت تكره أن يكرهك اليوم بأنك تقول الحقيقة فاعلم أنه سوف يحبك غدا حين يعلم أنك الوحيد الذي كنت تنصحه وأن غيرك كانوا منافقين وأفاكين حين خدعوه .

علمتني الحياة (89)

علمتني الحياة أن أبدأ قويا ، لأن النهايات كالبدايات ، ومن بدأ ضعيفا انتهى ضعيفا ، وهذا لا يتعارض مع حجم النتائج فلا شك أنها في البداية أقل ، كحال التفوق في الدراسة ، اسأل عن الأول في الدراسة الجامعية وابحث في سيرته سوف تجده الأول حين كان طفلا في الحضانة .

علمتني الحياة (90)

علمتني الحياة أن قصة يوسف عليه السلام ليست قصة أشخاص بعينهم فحسب ، بل هي نموذج لما يحصل في حياة كل واحد منا ، وأنا أتحدى أن يوجد أحد من الناس لا يعيش شخصية في هذه القصة ، فتأمل في حياتك تجد نفسك إما رجلا أصابه الهم بفقد حبيب له كما حدث ليعقوب عليه السلام ، أو شخصا ظلمه إخوته وأقاربه وضحوا به ببخس كما حدث ليوسف عليه السلام ، أو رجلا اتهموه بغير حق وكان ضحية سلطة جائرة كما حدث ليوسف أيضا ، أو رجلا وقف متحيرا أمام عناد امرأته وتبجحها كالعزيز ، أو رجلا ـ أو امرأة ـ وقع في غرام لا طائل منه كامرأة العزيز ، أو رجلا قتله الحسد والغل كإخوة يوسف.

 

علمتني الحياة (91)

علمتني الحياة أن أصون فيها كرامتي وإن دست على قلبي ، وأن أحفظ مروءتي وإن قتلتني رغبتي ، وألا أفقد أخلاقي وإن تجرأ عليّ لئيم بن خبيث .

علمتني الحياة (92)

علمتني الحياة أن أفضل ما تحتاجه فيها خلقان ( الرضا والصبر ) فبالرضا تقنع بالقليل ، وبالصبر تقنع بالكثير ، ولكن من المصائب والتعامل مع البشر .

علمتني الحياة (93)

علمتني الحياة معيارا لا يتخلف أبدا في معرفة المهم وغير المهم ، انظر إلى ما يُقبل عليه الناس لتعرف غير المهم ، أما المهم فالناس في زهد فيه . أظنك الآن عرفت مشاهدة مباريات كرة القدم من أي النوعين ، وتأكدت أن العلم والعمل وطلب المعالي من أي الصنفين .

علمتني الحياة (94)

لماذا تحزن على من اختاروا أن يتركوك ؟ تحزن وكأنهم هم الذين كسبوا وأنت الذي خسرت ، وكأنهم هم المحقون وأنت المبطل ، وكأنهم هم الخير وأنت الشر ! لماذا لا يكون العكس في كل ذلك ؟! أو يكون كل منكما قد كسب بفراق الآخر “وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته” .

علمتني الحياة (95)

علمتني الحياة أن البلوى للمؤمن أولها نجوى ، وأوسطها بشرى ، وآخرها تقوى ، فحين تنزل بك تجعلك واقفا بباب الله تناجيه وتشكو له أمرك ، فإن أحسنت النجوى جاءتك البشرى بما يقذفه الله في قلبك من طمأنينة ويقين وصبر ، ثم أخيرا تنكشف البلوى فتفرح بفرج الله وتزداد بذلك تقوى له تعالى .

علمتني الحياة (96)

علمتني الحياة أن التوحيد ليس فقط ألا تعبد إلا الله ، بل أيضا لا تعبأ إلا بالله ، ولا تسعَ لرضا أحد إلا الله ، ولا يضرك أن تكون مذموما عند كل الناس ما دام الله وحده يعلم نيتك ، ولا ينفعك مدح الناس إذا اطلع الواحد الأحد على قلبك فلم يجدك مخلصا في عملك . لن تستقيم حياتك حقا إلا بالتوحيد في كل هذه الأمور.

علمتني الحياة (97)

علمتني الحياة أن الشرك أوسع من مجرد عبادة صنم من دون الله ، وإلا فماذا تسمي هؤلاء الذين يتصنعون للبشر ويعظمون الظالمين وكأنهم آلهة ، ويخلعون عليهم ألقابا وكأنهم هم من يرزقونهم ، ويتفطرون خوفا حين يقفون أمامهم وكأنهم من يملكون إدخالهم جهنم ؟!

علمتني الحياة (98)

علمتني الحياة ألا أستكثر من الأصدقاء ؛ فالوفاء بحقوقهم أكبر من تحمُّل كثرتهم ، ولكن استكثر من معرفة الناس كيف شئت ، فحق المعرفة يتوقف عند السلام عليه حين تقابله .

وفي هذا سلام للمرء من أذى الناس .

علمتني الحياة (99 والأخيرة)

علمتني الحياة أنها فن وقواعد كأي فن وعلم آخر ، وكلما خالفتُ قواعدها لم أجْنِ إلا الندم ، وأفضل كتاب للحياة هو القرآن ، ففيه مئات القواعد عن فن الحياة ، ووجدت أن ملخص الحياة في القرآن في ثلاث كلمات :

1ـ “وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور”

2ـ “نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا”

3ـ “إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد”

ووجدت أن ملخص الملخص في آية واحدة :

“وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ” ووجدت أن ملخص هذه الآية في قوله “ولا تنس” فمشكلة الناس أنهم يعرفون حقائق الحياة ولكنهم ينسونها حين يتصرفون ، وملخص قوله “ولا تنس” في حرف النهي (لا) فلو اعتاد المرء أن يقول لنفسه (لا) ويكون حازما معها لنجا ووصل إلى ذروة الحل في قضية الحياة الدنيا .

(هذه خاتمة سلسلة علمتني الحياة اكتفيت عند هذا القدر تبركا بهذا العدد المتعلق بأسماء الله الحسنى . وعلى موعد مع سلسلة خواطر : حوار مع قلمي)

 

شارك المقال

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on tumblr
Share on pinterest

شارك

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on tumblr
Share on pinterest

مقالات ذات صلة

لهم في الدنيا خزي

استوقني قوله تعالى (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) فقلت : خزي وخذلان في الدنيا ، وعذاب عظيم في

اقرأ المزيد »

لهم في الدنيا خزي

استوقني قوله تعالى (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) فقلت : خزي وخذلان في الدنيا ، وعذاب عظيم في

اقرأ المزيد »

“تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”

لماذا تكررت الآيتان (134 و 141) من سورة البقرة: “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا

اقرأ المزيد »

نموذج العمل الجماعي

من النماذج القرآنية التي تمثل وحدة متكاملة عن العمل الجماعي ـ ما ذكره الله تعالى في سورة النمل عن سيدنا سليمان عليه

اقرأ المزيد »